Feat

Searching...

الرقابة المصرفية ومعايير لجنة بازل الرقابة المصرفية ومعايير لجنة بازل

فبراير 17, 2012

الرقابة المصرفية ومعايير لجنة بازل 

شهد القطاع المالي على مستوى العالم العديد من التطورات خلال العقد الأخير من القرن العشرين تمثلت في التقدم التكنولوجي الهائل في الصناعة المصرفية، واستحداث أدوات مالية جديدة، وانفتاح الأسواق المالية على بعضها البعض في الدول المختلفة بصورة غير مسبقة، وعلى الرغم من هذه التطورات الإيجابية، فإن هناك بعض الأزمات التي شهدها القطاع المالي سواء في الدول النامية أوالمتقدمة، أدت إلى التأثير السلبي على اقتصاديات تلك الدول، هذا وقد نلاحظ أن معظم الدول التي شهدت أزمات مالية واقتصادية كانت مشاكل البنوك قاسماً مشتركاً فيها، وأرجع الخبراء ذلك إلى تزايد المخاطر المصرفية وعلى رأسها المخاطر الناتجة عن الائتمان، ومن هنا جاء اقتراح "لجنة بازل للرقابة على البنوك". والذي تم الإعلان عنه في السادس عشر من يناير 2001، بتعديل معايير كفاية رأس المال السارية منذ عام 1988 بهدف تدعيم الملاءة المالية للجهاز المصرفي على مستوى العالم، وإيجاد المناخ المناسب للائتمان لضمان تفعيل الرقابة على مخاطره.

وقد اهتم الأدب الاقتصادي بدراسة العلاقة بين القطاع المالي والمصرفي والنمو الاقتصادي. حيث يعتبر وجود قطاع مالي قادر على حشد وتخصيص الموارد المالية بكفاءة لخدمة الأغراض المنتجة والتنموية وتقليل المخاطر الائتمانية من المتطلبات الرئيسية لتحقيق وتقوية قطاعاتها المالية، في الوقت الذي تسعى فيه إلى تقليل احتمالات تعرضها للهزات المالية والصدمات الخارجية. وقد خطى كثير من هذه الدول خطوات مهمة في هذا السبيل في السنوات الأخيرة. لقد اختلفت الإصلاحات من حيث مدى عمقها ومجال تركيزها بين الدول المختلفة، ولكن الأهداف في كل الحالات كانت ذاتها: زيادة الاعتماد على قوى السوق والحوافز الخاصة في مجال الوساطة المالية ودارة المخاطر والتأكيد على سلامة القطاع المالي وتقوية أطره التشريعية والتنظيمية، وتحسين مقدرة المؤسسات المالية على تعبئة المدخرات المحلية وزيادة المنافسة بين هذه المؤسسات(1).

وقد جاءت آراء مدرسة ستانفورد بأقطابها إدوارد شو(2) Shaw (1973) ورونالد ماكينون McKinnon (1973) لتربط بين التنمية المالية والتحرير المالي والنمو الاقتصادي ولكي تحيي آراء جوزيف شوميتر التي ترجع لعام (1912) (3). حيث حدد بوضوح وظائف وحدات الوساطة المالية باضطلاعها بتعبئة المدخرات وتقييم المشروعات وإدارة المخاطر المصرفية ومراقبة أداء المشروعات، كما ربط بين هذه الأنشطة والخدمات وعملية التطوير التكنولوجي والإبداع والتنمية الاقتصادية.

ثم جاءت نماذج النمو الداخلي Endogenous Growth Models التي ظهرت في دراسة رومر Romer(1986) ولوكاس Lucas (1988)(4) لكي تظهر أن الاستثمار في شكل تراكم لرأس المال المادي أو لرأس المال البشري تصاحبه وفورات خارجية موجبة، حيث أن الاستثمار لا يرفع من المقدرة الإنتاجية للمنشأة فقط ولكن يرفع من المقدرة الإنتاجية للمنشآت الأخرى ذات العلاقة بهذه المنشأة. وقد دفعت هذه الافكار سولو Solow (1994)(5) للبحث من جديد في نظرية النمو الاقتصادي والتعرف على محددات النمو الاقتصادي فيما شبهه سولو Solow بالنيران المتأججة.

والقطاع المالي والمصرفي يمكنه أن يسهم في عملية النمو الاقتصادي من خلال تمويل الاستثمار، شريطة أن يكون هذا القطاع متطوراً وذا كفاءة في القيام بوظائفه من خلال القيام بوظيفة الوساطة المالية وإدارة المخاطر. حيث تخفض وحدات الوساطة المالية من مخاطر المعاملات وتعمل على زيادة معدل التراكم الرأسمالي وبتطور القطاع المالي ومؤسساته تزداد القدرة على انتقاء المشروعات ومتابعة أدائها.

هذا وقد شهدت الساحة الدولية في السنوات الأخيرة الكثير من التحولات والمستجدات والمتغيرات العالمية في ظل العولمة Globalization التي تقوم على تحرير المبادلات التجارية والمالية مع الاندماج في الاقتصاد العالمي في ظل التكتلات الاقتصادية والكيانات العملاقة.

وكان القطاع المصرفي من أهم القطاعات الاقتصادية وأكثرها تأثراً بالمتغيرات الدولية المتمثلة في التطورات التكنولوجية وعالمية الأسواق المالية والتحرر من القيود التي تعوق الأنشطة المصرفية والاتجاه إلى تطوير وإدارة مخاطر الإقراض في ظل المعايير الدولية لضبط الأداء المصرفي المتمثلة في معايير كفاية رأس المال التي عرفت باسم مقررات لجنة بازل التي أعلنت في عام 1988 التي ألزمت الدول الأعضاء في لجنة بازل بتوحيد طرق الرقابة من قبل البنوك المركزية ورفع نسبة كفاية رأس المال لدى البنوك لتصبح في حدود 8% من مجموع أصولها الخطرة. لذلك تحرص الحكومات على وضع نظم للرقابة المصرفية والإشراف على البنوك بهدف استقرار النظام المالي وضمان كفاءة النظام المصرفي بما يتواءم مع التطورات العالمية المتلاحقة.

وقد اكتسب موضوع كفاية رؤوس أموال البنوك أهمية كبرى في السنوات الأخيرة في ضوء التطورات المالية والمصرفية المتلاحقة. من أجل تلافي انتقال مخاطر العمل المصرفي بين الدول الصناعية بعضها البعض أو من الدول الأخرى.

وعلى الرغم من الانتقادات العديدة التي وجهت لاتفاقية بازل نظراً لانحيازها لصالح الدول الصناعية. فقد أصبح من المتعارف عليه أن تقيم ملاءة البنوك في مجال المعاملات الدولية يرتبط بدرجة كبيرة بمدى استيفائها لحدود معيار كفاية رأس المال.

ثم قامت لجنة بازل بإجراء بعض التعديلات لتطوير أسلوب حساب معدل كفاية رأس المال. وقد تمثلت المقترحات الجديدة التي تم الإعلان عنها في سبتمبر 1999 في توسيع قاعدة وإطار كفاية رأس المال بما يضمن تحقيق الأهداف التالية:
1. المزيد من معدلات الأمان وسلامة ومتابعة النظام المالي العالمي.
2. تدعيم التساوي والتوازن في المنافسة بين البنوك دولية النشاط وضمن تكافؤ الأنظمة والتشريعات.
3. إدراج العديد من المخاطر وإيجاد نماذج اختبار جديدة أكثر ملاءمة للتطبيق في البنوك على كافة مستوياتها.

وضماناً لتحقيق تلك الأهداف أرست لجنة بازل للرقابة المصرفية في 16 يناير 2001 مقترح "اتفاق بازل الجديد لكفاية رأس المال" ومن المنتظر أن يتم تنفيذ تلك المعايير عام 2005. وذلك من أجل تلافي قصور المعايير السابقة وتقوم المعايير الجديدة على ثلاث ركائز أساسية. لتحقيق درجة أكبر من التناسب بين رأس مال البنك وأصوله الخطرة على أن يقترن ذلك بتدعيم فعالية الدور الرقابي للبنوك المركزية والسلطات النقدية وأهمية إفصاح البنوك عن قدر أكبر من المعلومات بشأن التزامها بمعايير كفاية رأس المال.

وقد أكد خبراء المصارف أن المعايير المصرفية التي أقرتها "بازل" سيكون لها صدى كبير في تقليل المخاطر الائتمانية وإعادة الانضباط إلى السياسة الائتمانية التي شابها بعض العيوب خلال السنوات القليلة الأخيرة، والتي كان من نتيجتها ظاهرة التعثر المصرفي.

وطالب الخبراء بالتطبيق الفعلي والحرفي لهذه المعايير واتباع الوسائل الحديثة في التطبيق بجانب التدريب العملي المتخصص للقائمين على تنفيذ هذه القواعد المصرفية التي يكون الجهاز المصرفي في أشد الحاجة إليها لإدارة الائتمان بأسلوب مصرفي سليم قائم على البحث والدراسة والمتابعة الدقيقة.

وقد تعرض اتفاق بازل الجديد للرقابة المصرفية لعدة انتقادات منها عدم تحديده بشكل واضح لمخاطر التشغيل Operational Risk.

كما ترى البنوك الكبرى أن النسبة المقترح تخصيصها من رأس مال البنك لمواجهة مخاطر التشغيل (20%) تعتبر بالغة الارتفاع. كما يرى البعض أنه يجب تخفيض الشريحة المخصصة من رأس المال لتغطية تلك المخاطر بالنسبة للبنوك الواقعة في الاقتصادات الناشئة عن نظيرتها في الاقتصادات المتقدمة نظراً لتطبيق البنوك في الاقتصادات الناشئة لأساليب تكنولوجية، ونظم للمقاصة وتسوية المدفوعات أبسط وأقل تقدماً بالمقارنة بنظيرتها في الاقتصادات المتقدمة.

كما تعرض اقتراح الاعتماد على تقييم مؤسسات التصنيف الائتماني الدولية كأحد المحددات الرئيسية لتحديد الأوزان النسبية المستخدمة في ترجيح مخاطر أصول البنوك لعدة انتقادات. وبذلك يمثل الإطار الجديد لمعايير لجنة بازل منعطفاً هاماً في مستقبل عمل القطاع المصرفي.

أهداف البحث: 
1. التأكيد على أهمية مقررات لجنة بازل في وضع معايير وقواعد موحدة لضبط أداء العمل المصرفي وفي معالجة مشكلة التعثر المصرفي التي تصاحب "التحرير المالي" في مراحله الأولى.
2. التأكيد على أهمية الرقابة على العمل المصرفي في ضبط أداء البنوك على النحو الذي يضمن سلامة مراكزها المالية ويحول دون تعرضها للانهيار.
3. التأكيد على أهمية معايير لجنة بازل في دفع مخاطر عمليات وآليات تدويل العمل المصرفي.
4. التركيز على أهمية معايير لجنة بازل في التأكيد على أن أي نظام لمراقبة المخاطر يجب أن يقوم على تحديد جميع المخاطر التي تواجه البنوك وإدارتها.
5. التأكيد على أهمية الإطار المقترح للجنة بازل في علاج مشكلة التصنيف مرتفع المخاطر للدول خارج منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية Non OECD وبالتالي تخفيض تكلفة الموارد التي تحصل عليها عن طريق الاقتراض.
6. التأكيد على استمرار مراجعة الإجراءات الرقابية على كفاية رأس المال باعتبار أن كفاية رأس المال هي ضمانة ضرورية للاستقرار المصرفي.
7. التأكيد على دور الإطار المقترح للجنة بازل في مراعاة عملية توريق الأصل Asset Securitisation التي تؤدي إلى توزيع المخاطر المخاطر وخفضها.
8. التأكيد على دور الإطار المقترح في إعطاء خيارين لتحديد مخاطر الالتزامات على البنوك، إما بالاعتماد على تصنيف الدولة المسجل بها البنك أو بالاعتماد على تصنيف البنك ذاته.