Feat

Searching...

غريبان في هذا الوطن "هندل الصالح" 1989

مارس 23, 2012
   غريبان في هذا الوطن  
  ارتحلَ المساءْ ..،
وفتَّحتْ عيونَها السماءْ ..،
ما أوحشَ الرُّكودْ !..،
ما أتعسَ الرقودْ !..،
فلا حزينًا نغَّصتْ رُقادَهُ الشُّجونْ ،
ولا متيَّمًا أرَّقَهُ لظى الحنينْ ،
إلا غريبٌ راحَ يُرسلُ الخُطا
في غير ِوِجْهَةٍ ..،على غيرِ هُدى ..،
يمشي ،فتنفُر الطريقْ
مِن صمتهِ العَميقْ ..،
ويَجْفلُ الخَلاءْ

لخفقِ قلبه العَشيقْ ..،
حتى رمى به  العَياءْ
إلى رصيفِ بحر ذاته الرَّعونْ ..،
هناك حيث يُزبِد الأسى ،
وحيث يَهجُد السكونْ..،

تنهَّدَ الغريبُ واحتبَى ،

وفوق ركبتيْهِ غَلَّقَ الجُفونْ ،
كيْ لا يرى
مأساةَ ذاتِهِ الرَّعونْ ..،
لكنَّما عيناهُ نجمتانِ هَامَتَا مع الدُّجى ..،
وعبر غيمتين رَقَّتَا منَ الشَّجا ،
قدْ راحَتا تُسرِّحانِ نظرةً مَشبُوبةَ الرُّؤى ..،
وتَرصُدانِ زورقًا يُصارع الرَّدى
في بحر ذاته الرَّعونْ ..،
لعلَّه يُرجِّعُ الصَّدى
 إذا انجلى الدُّوارُ وانحسرْ ..،
لعله يَعودُ حاملاً فانُوسَه الصغيرْ
لِيُوقِظَ البَصرْ

في بؤبؤ القلبِ الضَّريرْ ..،

لعلَّه يعودُ كالقمرْ
يُنيرُ ظُلمةَ الأكواخِ والقُصورْ
على السواءِ، كُلَّما أضاءْ ..،
بين الغروبِ والسَّحرْ
لعلَّه يعودُ كالمطرْ ..،
لِينثُرَ الرَّبيعْ
على شتاءِ ذاته الرعونْ
لكنْ ..،وبعدَ أن ظلَّ الغريبُ ينتظرْ
مواكبَ الصباحْ ..،

تسلَّلتْ سَحائبُ الضَّجرْ

ودَثَّرت رُؤى خَياله المِلاحْ
وحينها تملْملَ الغريبُ ثمَّ صاحْ :
"أنا الوطنْ ..،
وهْوَ أنا ..،
لكن كلا نا أكثرُ اغترابْ
في ذا الوطنْ "..،
ثم انتحر ..،
وارتحل الصدى
إلى مجاهل المدى ..،

مرددا ترتيلة الغريب للزمن :
"عد يا وطن
عد يا وطن..، "

                                    "هندل الصالح" 1989