Feat

Searching...

صحة الرئيس تتراجع في سلم انشغالات الجزائريين

مايو 16, 2013



تحولت مسألة مرض الرئيس وغيابه، بعد 91 يوما من انتقاله خارج الوطن من أجل العلاج و''النقاهة''، إلى قضية روتينية في سلم اهتمامات الجزائريين اليومية، بعدما كانت تحتل صدارة الانشغالات خلال الأيام الأولى لانتقاله إلى مستشفى ''فال دو غراس'' الفرنسي.
 سايرت اهتمامات الجزائريين حيال غياب الرئيس بوتفليقة، وتواجده في فرنسا للعلاج، نمطية معينة فرضتها السلطة في حد ذاتها، تشكلت في صورة انشغال حكومي ورسمي فريد من نوعه، فاجأ الجميع في اليوم الأول من الإعلان عن مرضه (27 أفريل) مع إفادة الجزائريين بالتشخيص الرسمي لطبيعة العلة التي أقعدت الرئيس، وهي ''النوبة الإقفارية العابرة''، وقد أنتجت ''الهالة الإعلامية الرسمية'' التي رافقت مرض الرئيس، والتي ظهرت من خلال التصريحات الإعلامية للطبيب رشيد بوغربال، حجما مماثلا لها من اهتمام الجزائريين بصحة رئيسهم، لما امتلأت الشوارع ومواقع التواصل الاجتماعي بالأسئلة المحيرة حول حقيقة مرضه.. أسئلة عرفت منحى تصاعديا في تخمينات المواطنين، ارتقت إلى التساؤل حول مستقبل البلاد في ظل غموض كبير، وإن كان الغموض ليس وليد إعلان مرض الرئيس، لكنه عشش في مخيلات الناس قبل ذلك بكثير، وبمرض بوتفليقة صار ممكنا لدى عامة الجزائريين التساؤل إزاء خليفة الرئيس، ونزلت الأسماء المرشحة للتربع على عرش المرادية من السرايا والكواليس إلى الشارع، وكأنما انتخابات رئاسية مسبقة قد تم الإعلان عنها، مثلما أعلن عنها الرئيس الأسبق اليامين زروال، صائفة .1998
قد يشبه ذلك الظرف، الظرف الحالي في هذا الجزيئ، من حيث تقدمت، رسميا، ست شخصيات تمثلت في كل من مولود حمروش وعبد الله جاب الله وحسين آيت أحمد ويوسف الخطيب ومقداد سيفي للترشح جنب بوتفليقة، وحاليا يتقدم،''افتراضيا'' وفي مخيلات البعض، ست شخصيات كذلك، تمثلت في كل من أحمد بن بيتور وحمروش وبن فليس وبلخادم وأويحيى وجاب الله.
وطيلة 19 يوما مضت والرئيس غائب، صار الاهتمام بوضع بوتفليقة موسوما بتراجع على صعيدين: رسمي وشعبي، لكن التراجع الرسمي هو الذي أنتج التراجع الشعبي، فكما أنتجت الدعاية الرسمية هالة إعلامية استدرجت الناس بالتعاطف مع رئيسهم كما حدث عام 2005 حينما تنقل مئات الجزائريين إلى مطار هواري بومدين لاستقباله، أنتجت كذلك الغموض والضبابية حول مصيره بعد أيام من مكوثه في ''فال دو غراس''، وهي الأيام التي يفترض فيها أن يعرف الجزائريون التشخيص الحقيقي لحالته الصحية بعد العلاج من النوبة الإقفارية، وفي ظنهم أن البروفيسور رشيد بوغربال في خدمتهم على الدوام، الأمر الذي لم يحصل، بينما صار الحديث عن الرئيس أشبه بحديث مناسباتي منه إلى حديث الساعة، يثير بالأساس مستقبل بلاد بأكملها في ضوء الحيرة بشأن مصير رئيس حكمها ثلاث عهدات كاملة، تماما كما يثير رهانات هذا الرئيس فيما قال عنه إنه ''إصلاح'' مقدما جوهرته في ''تعديل دستور'' صار مصيره، هو الآخر، في حكم الغيب.
حقق الرئيس بوتفليقة شعبية كبيرة بفضل تعاطف الجزائريين معه، بمجرد ما أعلن البروفيسور بوغربال عن وضعه، وشرح علته، وجرى تداول عبارة ''ليس لدينا من بوتفليقة عشرة''، لكنه ومع مرور الوقت أحكمت السلطة قبضتها على ملف المرض وأصبح الجزائريون يتلقون معلومات عن صحة رئيسهم بالتقطير إلى أن نضبت، ومع نضوب المعلومات بدأت انشغالاتهم تتقلص شيئا فشيئا.
على هذا النحو تحكمت البوصلة الرسمية في توجهات المواطنين بشأن غياب الرئيس عن الأنظار، فبلغت شعبية بوتفليقة السقف لما أشيع خبر مرضه، مع أن الجزائريين عهدوا سماع مثل هذه الأخبار، لكنها تراجعت بمجرد ما صار الحديث الرسمي عن صحة الرئيس يختزل في كلمة واحدة ''في صحة جيدة''، حتى أن مستشار بوتفليقة لحقوق الإنسان ومكافحة الإرهاب، وهو آخر من تحدث عن صحة الرئيس (أمس)، قالها بما يبين أن رزاق بارة سمع كما سمع كل الجزائريين، تأكيد الوزير الأول عبد المالك سلال من ولاية الأغواط التي زارها يوم السبت أن الرئيس يكلمه يوميا وأنه ''في صحة جيدة''.
وتراجع تردد اسم الرئيس على مواقع التواصل الاجتماعي، أو على الأقل لم يحتفظ بتلك المكانة الراقية في تعليقات روادها، بينما تحتفظ الطبقة السياسية بقضية مرض بوتفليقة كملف للتعاطي، وظهرت في صورة معارضة توزعت مطالبها على تفرق توجهاتها، بين عبد الله جاب الله وجيلالي سفيان وعلي فوزي رباعين الذين يطالبون بتطبيق المادة 88 من الدستور، وعبد الرزاق مقري الذي يطالب بـ''الشفافية'' في عرض التقارير الطبية الخاصة بالرئيس، بينما انكفت أحزاب الموالاة على نفسها، وعلى رأسها الأرندي والأفالان داعية لبوتفليقة بالشفاء العاجل