بكالوريا دفعة بن غبريط مقال رائع شخص فيه الدكتور عبد العالي رزاقي الداء في قطاع التربية
عندما قرأت أن وزيرة التربية نورية بن غبريط تدعو إلى تعويض الأساتذة المضربين بـ"الأقراص المضغوطة" تذكرتُ عميد جامعة جزائرية كان يسجل المسؤولين في بداية السنة وفي آخرها يمنحهم شهادة النجاح لغاية حصولهم على شهادة الليسانس حتى تتسنى لهم الترقية الإدارية في الوظيف العمومي، فسميتْ دفعتهم الأولى بجامعة الحقوق باسم العميد، فهل سيسمى حملة بكالوريا هذا العام بـ"دفعة نورية بن غبريط"؟.
كاد المعلم أن يكون "قرصا مضغوطا"؟
من منا لا يتذكر قصيدة "العلم والتعليم" للشاعر أحمد شوقي التي يقول فيها:
قم للمعلم وفّه التبجيل كاد المعلم أن يكون رسولا
أعلمت أشرف أو أشرف من الذي يبني وينشئ أنفسا وعقولا
ومن منا ينسى معلمه أو لا يتذكر مقولة أن من يعلمك حرفا تصير له عبدا، فهل ستكون الأقراص المضغوطة "رسلا" للتلاميذ أم أنها تتحول إلى تماثيل لدروس افتراضية تقدمها عضو في حكومة افتراضية ليس لها موعد لاجتماع مجلسي الحكومة والوزراء؟.
لو قامت الوزيرة التي عيّنها بوتفليقة بتاريخ 05 ماي 2014 منذ تسلمها المنصب لغاية اليوم بإدخال "السبورة الالكترونية والحقيبة الالكترونية والكتاب الالكتروني" في المدرسة لاعتبرنا دعوتها إلى تعويض المعلمين والأساتذة بالأقراص المضغوطة أمرا مقبولا وحلا معقولا لتعويض الدروس الخصوصية التي تستنزف جيوب الأولياء وتجعل بعض المعلمين والأساتذة مثل الوزيرة تبتز بـ"خطب وتصريحات" استفزازية مشاعر أسرة المنظومة التربوية بـ"تحريش" أولياء التلاميذ على الأساتذة والمعلمين، فهذه لعمري وزيرة من"عهد الحزب الواحد" أو بقايا حكومة ابن غبريط المغربية.
ما يؤسف له أن الضحية في هذه المنظومة التربوية ليس التلاميذ ولا المعلمين ولا الأساتذة وإنما هو"العلم" فالاستخفاف بالمعلم أخطر ما تواجهه الشعوب، وهو يساعد على انتشار الجهل والأمية وعدم احترام معلميه.
لو كانت السيدة ابن غبريط تدرك أن الأمية الالكترونية في الجزائر تصل 90 % لأنشأت مدارس لمحوها عوض تضليل الرأي العام بأن عائلات الأسرة التربوية تملك أجهزة الحاسوب، وبإمكانها تعليم أبنائها وبناتها في بيوتها، وكأن الوزيرة مكلفة بـ"مهمة خاصة" لتحطيم ما بقي قائما في الجزائر، وهو"شهادة البكالوريا"، ولو كانت الوزيرة تعمل على ترقية منظومتها لوجدنا ضمن الكتب المدرسية للتلاميذ كتابات لكبار الكتاب الجزائريين أمثال الطاهر وطار وعبد الحميد بن هدوڤة ومحمد مصايف وعبد الله ركيبي وعبد الله شريط وزهور ونيسي وزليخة سعودي وغيرهم...
الحكومة مطالبة بمعالجة "أزمة" المنظومة التربوية قبل أن تصاب بعدوى المنظومة التربوية المغربية التي ارتفعت فيها أصواتٌ تطالب التدريس بـ"الدارجة" عوض الفصحى.
لويزة وبن غبريط وجهان لعملة واحدة
أعترف أنني كلما تذكرت خليدة مسعودي "وزيرة الثقافة سابقا" كلما شعرت بألم كبير لما ألحقته بالثقافة الجزائرية من مآس، وكلما أسمع اسم نورية بن غبريط أزداد ألما لما آلت إليه المدرسة الجزائرية من "تعفن"، إن المأساة التي ألحقت بالمنظومة التربوية كلها هي من بقايا "لجنة بن زاغو" التي تعتبر بن غبريط أبرز وجوهها.
إذا كانت هذه الوزيرة قد وضعت المنظومة التربوية في"فم" عفريت حتى تنهار القيم التي ورثتها عن مدارس جمعية العلماء المسلمين، فإن السيدة لويزة حنون حوّلت السياسة والممارسة الحزبية إلى "ابتذال سياسي"، فالذي يترشح أكثر من مرة لمنصب رئيس الجمهورية ويحصل على أقل من 05 % ولا يستقيل من حزبه مثلما يحدث في الدول الديمقراطية، ثم يساند منافسه ويدافع عنه لا عن برنامجه الانتخابي، فهو مجرّد موظف لدى جهة مجهولة، إنه من حق رئيسة الحزب أن تدافع على قياداتها في الحزب أو الموالين لها في الحكومة، ومن حق أعضائها في البرلمان استجواب الحكومة حول المساس بأي شخص في"الوظيف العمومي"، ومن حقها انتقاد الحكومة، لكن ليس من حقها أن تطلب من السعيد بوتفليقة الشقيق الأصغر للرئيس التدخل في شأن الأمة والدولة، وإذا كانت تعتقد أنه يدير شؤون أخيه ويسيّر ويتابع كل صغيرة
وكبيرة منذ أن أصبح الرئيس غير قادر على أداء بعض المهام - كما تزعم - فلماذا لا تلتحق بمن يطالب بتفعيل المادة 88 من الدستور الجزائري؟.
يبدو أن القراءة الصحيحة لموقع لويزة حنون حاليا هي أنها بدأت تفقد الكثير مما كسبته في نضالها الحزبي، منذ أن لجأت إلى القائد صالح بوزارة الدفاع ولم يتدخل لصالحها، خاصة بعد فتح تحقيق حول التسريبات المتعلقة بموت والي عنابة، وكذلك دخولها في حرب إعلامية مع جبهة التحرير، ودفاعها عن الغاز الصخري ضد سكان الجنوب.
فهل استنجادها بشقيق الرئيس عوض الاستنجاد بمناضليها ومن انتخب ممثليها بالبرلمان هو لتضليل الرأي العام، بعد أن قررت الحكومة الاعتماد على المنتوج الجزائري والتخلي عن الاستيراد؟.
إذا كان هناك نهب للمال العام والعقار فعليها باللجوء إلى العدالة وليس للصحافة باعتبار أن الجزائر في حاجة إلى من يجرؤ على رفع دعاوى ضد هؤلاء (المجرمين) حتى لا يبقى أمثال شكيب خليل بعيدين عن العقاب؟.
إذا كانت ابن غبريط قد ضللت الرأي العام الجزائري بتصريحات تجانب الحقيقة المتعلقة بالمعلمين والأساتذة، فإن هذا التضليل لاحظناه في الخطاب الرسمي المغربي، حينما اختار مدينة (الداخلة) لإقامة منتدى "كرانس مونتانا"، وهي حسب بيان مكتب "بان كي مون" الأمين العام للأمم المتحدة واقعة في الصحراء الغربية التي هي تحت الهيمنة المغربية، وفي تصريحات بعض المحللين السياسيين حول الحوار الليبي في الجزائر إذ يزعمون أن الجزائر طرف في الأزمة الليبية بحكم أن لها حدودا معها