phonology / علم الفنولوجيا ( الفونيم في اللغة العربية )

phonology / علم الفنولوجيا

تعريفه: هو الفرع الأساسي الثاني من علم الأصوات . ويهتم بدراسة الصوت اللغوي داخل البنية؛ أي

من حيث علاقته بالأصوات الأخرى من ناحية والمعنى أو وظيفة الصوت في تحديد المعنى من ناحية

اخرى.

فنحن مثلا وصفنا في الفوناتيك  صوت النون [ ن ] بأنه صامت سني مجهور أغن ؛ 

وهذا الوصف ينظر غلى انون من حيث هي وحدة صوتية قائمة بذاتها؛ أو صوتا منعزلا غير متصل أو

مجاور لغيره من الأصوات ولكن ثمة درجات أو تنوعات في اللغة العربية وكذلك في اللغات الأخرى

للأصوات ؛ ففي العربية نجد أن [ ن ] في كلمة " نهر " من الناحية الصوتية الخالصة اي من حيث

تكوينها النطقي والفسيولوجي غير[ ن ] في كلمة مثل " منك "و " عنك " وقد أدرك علماء العربية

القدماء هذا الفرق فسموا "الُنون " في لفظتي "مِْنك " و" عَْنك " النون الخفيفة 1

أي أنً ما نسميه صوتا واحدا قد يتردد بنفسه أكثر من مرًة في كلمة من الكلمات، ولكنه ينطق في كل

مرة بصورة مختلفة ففي كلمة مثل " بَ َ طَر"

سنجد أن صوت الفتحة الأولى غير صوت الفتحة الثانية وكذلك غير الفتحة الثالثة وثمًة اختلافات

فردية بين المتكلمين بأي لغة ترجع إلى اختلافات عضوية أو عادات نطقية. ولكن بالرغم من ذلك فإننا

ندرك أن كلمة ما هي نفس الكلمة التي ينطق بها هذا الرجل أو تلك المرأة أو ذاك الطفل، فما الذي

يجعلنا نتغاضى عن أمثال هذه التنوعات الفردية الراجعة إلى سياق صوتي معين أو إلى طريقة نطق

معينة بحيث نسوي بين الفتحات الثلاث في كلمة مثل " بَ َ طرَ " ونرى فيها شيئا واحدا ؟

إنً هذه الفتحات وإن كانت مختلفة من حيث تكويُنها إ ً لا أنها متطابقة من حيث الوظيفة اللغوية التي

تؤديها ، ومعنى هذا أنً مصطلح " صوت " له في الحقيقة معنيان :

أ – معنى تجريدي عام يُقصد به " النوع " لا الأفراد مثل :

النون أو الياء أوالفتحة.

ب – معنى خاص يطلق على الصوت الجزئي مع مراعاة صفاته النطقية والسمعية وذلك مثل [ ن

]المختلفة في كلمات مثل: " نهر" و" منك " و" عنك

ولتفسير ذلك نقول: إنً [ ن ] صوت واحد بوصفها ليست[ ت ] أو[ ب ] مثلا؛ أي بوصفها ذات وظيفة

لغوية ؛ إذ هي بهذه الصفة قادرة على تغير المعنى، فنحن نقول: ناب . تاب . حيث نجد أن الفرق

في معنى الكلمتين راجع إلى وجود [ ن ] في الكلمة الأولى و[ ت ] في الكلمة الثانية؛ ومن ثًم فإنً

ُ كلا منهما صوت واحد لا عدة اصوات.

1 67/ مقدمة لدراسة علم اللغة د حلمي خليل ص 66

أمًا أفراد النون؛ أو صورها المختلفة ؛ فلها خصائص ُنطقية مَحْ َ ظة اي أنه يمكن تمييزها في

النطق والسمع ؛ ولكن هذه النونات ليست بذات وظيفة لغوية واحدة؛ وبالتالي لا نستطيع أن نتخذ

منها مميزا للكلمات لأنها لا تستطيع أن تغير معاني الكلمات بإحلال إحداها محل الأخرى؛ وذلك لسبب

بسيط وهو أنً [ ن ] في قولنا " عنك " لا يمكن ان َتحُلً مَحَلً النون في قولنا " منك " ثم

يؤدي ذلك إلى تغير المعنى؛

ومعنى هذا أنً " أفراد النون " أو صورها المختلفة في كلمات مثل :

" منك" و "عنك " و " نهر" لاتصلح أن تتبادل فيما بينها في الموقع او البنية ، ومن ثَمً فهي

لا تؤدي إلى أدنى تغير في المعنى ؛ وبالًتالي لا تصلح ان تكون وهي على هذه الصفة مميزا ، وإنما

هذه الصور المختلفة للنون ترجع كلها في الحقيقة إلى أصل واحد أو شيء واحد عام ، وبالًتالي رُ ْ غم

الاختلاف النطقي والسمعي الفردي لها فإنه يمكن اعتبارها كما لو كانت شيئا واحدا وتسمى باسم وحد

هو " النون "

ولكن إذا حلً صو ٌ ت آخر محَلً [ ن ] هذه ت َ غيًر مدلوْلُ البنية الصوتية كأن يحل [ د ] محل [ ن ]

في كلمة " نهر " فتصبح " دهر " هذا الصوت بالمعنى الأخير اي الذي يؤدي إلى تغير المعنى هو

phonème ما يطلق عليه مصطلح الفونيم

أما الصورة المختلفة او التنوعات المختلفة لنطق صوت واحد ولا تؤدي إلى اختلاف المعنى فيُطْل ُ ق

.allophone عليها مصطلح الألوفون 2

ظرية الفونيم

وهو ثالث ثلاثة وضعوا نظرية الفونيم على اسس " TRUBTZKOY وقد حدًد " تروبتسكوي

واصول علمية ، حدد الفونيم بأنه:

"عبارة عن النماذج الصوتية التي لها قدرة على تمييز الكلمات واشكالها ، او الأنماط الصوتية المستقلة

التي ُتمَيز الحدث الكلامي المعين عن غيره من الأصوات الأخرى" وبناء على ذلك فإنً كل " فونيم

"يؤدي وظيفتين:

1. وظبفة إيجابية، وذلك حين يساعد على تحديد معنى الكلمة التي تحتوي عليه.

2. وظيفة سلبية، وذلك حين يحتفظ بالفرق بين كلمة ما من حيث المعنى والكلمات الأخرى.

وعلى هذا فإنً [ ن ] هي فونيم / ن /

تنبيه: (إنً وَضْعُ الرمز الكتابي للصوت بين خطين مائلين / . / يَعْنِي أننا تنحدث على

المستوى الفنولوجي في حين وضع الرمز الكتابي بين قويبن معقوفين [ .] يعني أننا نتحدث

على المستوى الصوتي ) *اقول إنً [ ن ] هي فونيم / ن / يشترك مع الفونيمات الأخرى

في كلمة مثل " نام " لتحديد معناها وهي الوظيفة الإيجابية أو الأساسية للفونيم . أمًا الوظيفة

2 214 د محمود السعران علم اللغة ص 212

نقس المرجع ص 68

السلبية أو الثانوية فتتمثل في حفظ كلمة " نام " مختلفة عن كلمات مثل :" قام " صام " "

حام " عام " وتتضح الوظيفة الأساسية أو الإيجابية بصورة أوضح إذا ما حذف الفونيم من كلمة

واستبدل به فونيم آخر حينئذ سنجد المعنى يتغبر؛ فإذا حذفنا مثلا / ص / من كلمة " صام "

واستبدل به / ق / فستصبح الكلمة " قام "

إذا الفونيمات من حيث هي اصوات ذات سمات وخصائص قادرة على التمييز بين الكلمات في كل

اللغات ، بل هي قادرة على التمييز لا من حيث إبدالها بفونيمات اخرى فحسب بل من حيث ترتيبها

في اللغة cat و act وموقعها في البنية اللغوية ، ويتضح لنا ذلك في التقابل بين الكلمتين

الإنجليزية حيث تكونت كلمتان مختلفتان من نفس الفونيمات:

ولكن بترتيب مختلف، ويشبه هذا إلى حد كبير فكرة التقاليب والتبادل في / t / + / c /+ / a/

الاشتقاق الكبر ، فتقاليب مادة " ضرب " إذا أخذنا في الحسبان المُستعمل والمُهْمل منها ماهي إ ً لا

تغيير في ترتيب الفونيمات بحيث يؤدي ذلك إلى بناء كلمات جديدة وهي الفكرة التي بنى عليها

الخليل بن أحمد (ت 175 ) معجمه " العين"

فقد رصد الخليل الاحتمالات التبادلية من حي ُ ث موضعُ الفونيم داخل البنية اللغوية على النحو

الًتالي:

1. الثنائي ينصرف على وجهين مثل : َقْد . دَقَّ

2. الثلاثيعلى ستة أوجه مثل:ضرب.برض. ضبر.بضر.ربض . رضب.

3. الرباعي يتصرف على أربعة وعشرين وجها( 24 ). لأن حروفه وهي أربعة ُتضرب على وُجوه

الثلاثي الصحيح وهي ستة أَوْجُهٍ فتصير أربع َ ة وعشرين احتمالا.

4. الخماسي يتصرف على( 120 ) مائة وعشرين وجها ذلك لأن حروفه وهي خمسة أحرف ُتضْرَب

في وُجُوه الرباعي وهي اربعة وعشرون حرفا فتصير مائة وعشرين وجها.

وفي جميع الأحوال فإنً الذي يُرصد من هذه الاحتمالات هو المستعمل اي ماله معنى 3 ولعلنا قد

لاحظنا أنً الخليل يستعمل مصطلح " الحرف " هنا بمعنى " الفونيم "

وقد حاول ابن جني (ت 392 ه) فيما بعد الاستفادة من قكرة التقاليب هذه فيما أطلق عليه الاشتقاق

الأكبر ولكنه لم يُوفق لأنه ربط بين تقاليب المادة ودلالة واحدة تربطها جميعا ، فلم يستقم له قانون عام

واضطر أحيانا إلى التأويل والرد بلطف الصنعة كما قال 4

غير أنً فكرة التقاليب على النحوالذي وضعه الخليل من حيث المزج بين الجانب الرياضي المنطقي

والتحليل اللغوي تضعه في مصاف الرواد لهذا اللون من التفكير اللغوي العلمي ، ففكرة الاحتمالات

النظرية فكرة رياصية منطقية ولكن تحديد المستعمل والمهمل فكرة لغوية قائمة على ارتباط البنية

نفس المرجع ص 370

ابن جني / الخصائص ج 1

التفكير الصوتي عند الخليل ص 70 و 75 د حامي خليل

الخصائص ج 2 ص 134,138 / ابن جني 4

Substituatinal بالدلالة وتغيرها نتيجة لتغير موقع الفونبم داخل البنية وهي قيمة تبادلية وتوزيعية

رصدها علماء اللغة المحدثون بعد اكتشاف نظرية الفونيم في النصف الأول من هذا القرن.

غير اننا لابد ان نلاحظ انه إذا كان وضع صوت مكان آخر يؤدي إلى كلمة جديدة اي يميز كلمة عن

Allophone أخرى، فإن كلا من هذين الصوتين يُعد فونيما مختلفا وإ ً لا فهما تنوعات أو ( أُُلوُفونات

) لفونيم واحد مثل النون في منك و عنك و نهر.

Right ففي اللغة الإنجليزية مثلا يوجد َت َ غُايُرٌ في المعنى مثلا بين الكلمتين

l / . / t / ومعنى ذلك أنً ك ً لا من bair و down و - town و Pair وبين الكلمتين Light

فونيمات مختلفة؛ لأنها غيرت دلالة الكلمات ، ولكن الإنجليزية لا تفرق فيها / r/ ./ d /. / p /. /

[ k ] بين الكلمات ولذا لا يكونان فونيمين مختلفين وإنما الصوت الثاني ألوفون [ Q ] و [ k ]

أما في اللغة العربية فهي تفرق بين الكلمات فيما يشبه هذين الصوتين فنحن نقول: "قال " و" كال "

من الكيل؛ ولذا فإن ال / ق / و / ك/ فونيمان مختلفان ،اما إذا اعتبرنا " كال " من " القول " كما

ُتنطق في بعض اللهجات العربية ففي هذه الحالة تكون / ك / ألوفونا و/ ق / فونيما..

وكذلك الأمر بالنسبة للصوائت القصيرة في اللغة العربية أو الحركات فهي فونيمات لأنها تفرق بين

الكلمات .

وقد فطن علماء العربية إلى وظيفة الحركات أو الصوائت طويل ً ة كانت أم قصيرًة في التفريق بين

الكلمات فجاءت العلامات المعروفة وهي الفتحة والكسرة والضمة للدلالة على فونيم الفتحة

والكسرة والضمة حين تكون قصيرة، أما الصوائت الطويلة او الحركات الطويلة فقد رمزوا لها

ب: " الألف" و" الواو" و " الياء "، ونجد ذلك حين تفرق الحركات او الصوائت القصيرة بين

"اسم الفاعل و " اسم المفعول " من غير الثلاثي مثل : مُرْسِلٌ و مُرْسَلٌ مُ ْ خرِجٌ ومُ ْ خرَجٌ...

وقد أورد العالم اللغوي الثعالبي في كتابه " فقه اللغة " نماذج كثيرة لهذا التفريق بين الكلمات

عن طريق الحركات القصيرة

ولكن على أنهما فونيمان مستقلان لأنهما يفرقان [s ] و [z] وفي اللغتين الإنجليزية والفرنسية يوجد

بين الكلمات ولكن نفس الصوتين موجودان في اللغة الإسبانية ولكن على أنهما ألوفان لفونيم واحد

لأنهما لا يُميزان بين الكلمات.

وقد نجد مثل ذلك في اللهجات العربية القديمة والحديثة ، ففي بعض اللهجات العربية القديمة نجد

ان بعض العرب ينطقون كلمة " الصقر " " الزًقر" وبعضهم ينطقها " السقر " وقد تنطق ايضا "

الزجر " وفي جميع هذه الحالات فإن [ ز] و [ س] ماهي إ ً لا ألوفونات لفونيم واحد هو /ص/

وكذلك [ج] ألوفون لفونيم / ق / كما في لهجة الصعيد في مصر عندما ينطقون " قال " " جال "

بنفس المعنى وكذلك في لهجات عربية حديثة.

وبناء على هذا المفهوم للفونيم ووظيفته اللغوية وقيمته في التحليل اللغوي ؛ أقام علماء اللغة

والأصوات نظرية كاملة وقد أثبتت الدراسات اللغوية أن هذه النظرية استطاعت على المستوى

التطبيقي العملي أن تحل كثيرا من المشكلات العلمية في " تعلم اللغات " ، كما ساعدت على اكتشاف

بعض " أخطاء النطق" والاتجاه الذي بنبغي أن يسير فيه علاج مثل هذه الأخطاء.

أما على المستوى النظري فقد كشف التحليل الفنولوجي عن النظام الذي تنطوي عليه وظيفة الصوت

داخل النظام اللغوي لأي لغة ، وهي خطوة حددت " معنى البنية تحديدا وظيفيا وتجريديا في آن واحد."

كما استطاعت النظرية أن تقدم فكرة أصلية للتحليل اللغوي وهي فكرة " الملامح المميزة "

التي يتداولها الأن علماء اللغة ويتوسعون فيها على مستويات التحليل اللغوي distinctive features

المختلفة بل على مستوى اللغات المختلفة

ما المقصود بالملامح المميزة؟

 المقصود ب : الملامح المميزة الخصائص الصوتية اتي ُتميز فونيما عن فونيم آخر،

ومن َثمً أصبح مفهوم الفونيم عبارة عن مجموعة الملامح المميزة التي تنبع من الخصائص النطقية

والسمعية التي تحدد كلً صوت من اصوات اللغة ، مثل موضع النطق وصفته وإذا كان مجهورا أو

مهموسا.

فتقسيم الصوائت والصوامت مثلا ليس مبنيا على أساس فسيولوجي فقط من حيث اندفاع الهواء دون

اعتراض مع الصوائت واعتراضه في مواضع معينة من جهاز النطق مع الصوائت، وإنما مبني ايضا

على اعتبارات سمعية هي الاختلاف في الملامح المميزة لكل منهما من حيث:

• الوضوح في السمع

• ومن حيث طول الصوت وارتكازه وتنغيمه

والتنغيم ، فسنجد أن stress فإذا تساوى صامت و صائت في الطول والارتكاز او النبر

* الصائت اشدً بروزا من الصامت ،

* والصوامت المجهورة اشد بروزا من الصوامت المهموسة

وهكذا، وكل هذه ملامح مميزة لفونيم عن فونيم آخر. ولعل دقة هذه الملامح المميزة لكل فونيم

واحتياجها إلى التحديد الصارم هو ما دعا إلى إدخال الأجهزة والآلات الإلكترونية الحديثة والاستعانة

بها في الدراسة الصوتية فيما يعرف الآن بعلم الأصوات التجريبي أو علم الصوات الآلي

* منهج دراسة النص الأدبي و فكرة التقابلات الفونيمية

كما كانت فكرة التقابلات الفونيمية بين كل فونيم وآخر من حيث الجهر أو الهمس أو الاحتكاك أو

الانفجارأو غير ذلك من الملامح ملهمة لكثير من المناهج التحليلية في غير علم اللغة والتحليل اللغوي

structuralisme" فيما يعرف الآن عندعلماء الأدب ونقاده بالتحليل البنيوي للأدب بل إن " البنيوية

من حيث هي نظرية نقدية وفلسفية واجتماعية بل وسياسية ايضا قامت على اساس التحليل

الفنولوجي للغة . أما على المستوى اللغوي الخالص فقد أصبحت المفاهيم الفنولوجية الآن من ركائز

التحليل البنيوي للغة مهما تعارضت أو اتفقت الاتجاهات او المدارس اللغوية المعاصرة، كأنما " نظرية

الفونيم " قد صيغت من معدن نفيس لا يصدأ أبدا .

وإذا كان التحليل الفنولوجي يتعامل مع البنية اللغوية على هذا النحو ، فإنً هناك ملامح أخرى صوتية

وفنولوجية تقع خارج البنية اللغوية وهي ما يطلق عليها علماء اللغة والصوات " الملامح غير التركيبية

."

فيم تتمثل هذه الملامح؟

تتمثل في: المقطع والنبر والتنغيم والفواصل ،

وفيما يلي خلاصة لكل ملمح من هذه الملامح حتى نعرف ماهيته ودوره في النظام الصوتي و

الفنولوجي للغة.