سقوط أسطورة "الكيان الصهيوني الآمن" و لا بد
من إحياء الانتفاضة لمنع الإبادة
أجد في نفسي كثيرا من التردد والخجل للتعليق على العدوان الصهيوني الأخير على غزة، ليس لأن الجريمة تنفذ بدم بهيمي بارد، وسط انشغال العالم بدموع وحزن البرازيليين أكثر من دماء ودموع الثكالى من الأمهات الفلسطينيات، بل لأن العرب والمسلمين قد غسلوا أيديهم من نكبة الشعب الفلسطيني المستدامة.
وعلى الذين يدينون تدافع الشباب العربي والمسلم نحو خيارات العنف والتطرف، عليهم أن يسألوا المجموعة الدولية عن الخيارات التي تركتها لهؤلاء الشباب، وهم يرون كيف انتفضت المجموعة الدولية لمقتل ثلاثة من المعمرين الصهاينة في عملية غامضة، وكيف ذرف البوكيمون الأممي دموعا سخية، فيما يتواصل منذ أربعة أيام القتل الصهيوني لأطفال ونساء غزة بدم بارد، وكأن العالم لم يكفه "القتل الرحيم" للفلسطيني تحت حصار محكم ليس له سابقة في التاريخ، واشتاقَ إلى رؤية أشلاء أطفالنا تمزق مجددا على المباشر.
وللمرة الألف، وجب علينا أن نخرج المجموعة الدولية من جميع حساباتنا، لأنها قد أقنعتنا بما يكفي أنها مع الكيان الصهيوني ظالما أو مظلوما. وللمرة الألف وجب علينا قطع حبل الرجاء من الحكومات العربية والإسلامية بجميع مشاربها، لأنها تشارك مع المجموعة الدولية في التنكيل بالإنسان العربي والمسلم، وربما يكون الوقت قد حان لمراجعة الموقف حتى من قيادات المقاومة في فلسطين وفي المنطقة، ومطالبتها باختيار طريق آخر لحماية الشعب الفلسطيني من الإبادة، غير هذا الخيار الذي أضاع بوصلة المقاومة وسط التهارش مع الآخرين على "سلطة مسخ" رأينا كيف حررت الكيان الصهيوني مما يلزم به القانون الدولي كل كيان محتل.
فليس صحيحا أيها الأخ العزيز خالد مشعل "أن العدوان الصهيوني الأخير أراد استهداف المصالحة الفلسطينية"، لأن صبرا وشتيلا وغزة وجنين ومعظم المجازر التي ارتكبها الكيان الصهيوني، إنما نفذت قبل أن ينشأ هذا الصراع الأخرق بين فتح وحماس، وتواصل معها، وسوف يتواصل، لأن الكيان الصهيوني العنصري يعلم أنه لا مستقبل له ما دام على وجه الأرض إنسان اسمه "فلسطيني"، وقد وجد مع بداية تنفيذ مسار "سايكس ـ بيكو" الجديد فرصة لتجديد وتكثيف القتل المنهجي للفلسطينيين، لأن الإبادة عنده هي الهدف والوسيلة، وقد مكنته الفتنة التي انقاد إليها العرب والمسلمون مع هذا الربيع الدموي من تحقيق الشرط الأول للتفرد الكامل بالفلسطينيين، بتصفير مستوى العداء للكيان على حدوده الثلاثة، وانشغال البقية في حروب أهلية بلا أفق.
الحل بأيديكم أيها الأخ الفاضل، أنتم وجميع المقاومين الفلسطينيين الشرفاء، بالمبادرة أولا إلى حل "السلطة" وأي تشكيل إداري وأمني فلسطيني يعمل مع وبالضرورة لصالح المحتل، ودعوة الفلسطينيين إلى المقاومة الشعبية المفتوحة بما تيسر من العدد والعدة، أقلها إعادة المبادرة للفلسطينيين في غزة والضفة وفلسطين المحتلة، تعود بهم إلى ملحمة الانتفاضة ولو بالحجارة، التي سوف تضع مجددا وجها لوجه، الضحية والجلاد، دون وسيط فلسطيني ـ عربي ـ أو أمريكي، لأن النكبة الفلسطينية الحقيقية إنما بدأت مع أوسلو وسلطة رام الله، وحكومة غزة ..