الشاعر جیلي عبد الرحمن من جزیر صاي النوبیة والھجرة الى انشاص المصریة ثم موسكو الروسیة
احن الیك یا عبري حنیناً ماج في صدري
واذكر عھدك البسّام عھد الظل في عمرى
تطوف بخاطر الذكرى من الاعماق من غوري
علیھ غلالة سوداء ذابت في رؤى الفجر
انا ظمآن یا عبري الى الأمواج والطیر
الى كثبانك الغرقى ھناك بحافة النھر
یذھبھا سنا الشمس باكوام من التبر
ونبني كوخنا المختار بالطین وبالصخر
فمأدبة بلا خبز وزیجات بلا مھر
وساقیة مرنحة تجرجرھا قوى الثور
تدلت اذنھ تعبا من الانھاك والسیر
تغیم بعینھ الدنیا ویعلن ذلھ الفقر
وتجثم خلفھا الأخرى وتشكو قسوة الھجر
اجل قد ماتت الابقار والمحصول لا یغري
كلنا نتذكر بل ونحفظ ھذه القصیدة لشاعرنا المعروف جیلي عبد الرحمن ، والذي ولد في جزیرة
.1990/8/ صاي بسكوت المحس في عام 1932 . وتوفي بالقاھرة التي شھدت نشأتھ في 24
وخلال سنوات عمره الثمانیة والخمسین عاما كانت حیاتھ ملیئة بالتحدي والمثابرة، لتنمیة موھبتھ
الشعریة التي ظھرت مبكرا عندما بلغ سن السابعة، حسب روایة اختھ الكبرى الحاجة منیرة فتقول
:
صاي السودانیة وانشاص المصریة : ·
جاء جیلي الى مصر وعمره حوالي سنتین. ثم ذھب الى صاي مع والدتنا الحاجة شورة اطال الله
في عمرھا وھو في الخامسة. وعندما جاءتھ باكورة الشعر قام بتصویر كل مشاھداتھ في
قصیدتھ " احن الیك یا عبري " او " ھجرة من صاي ". وقد قام الاستاذ على المك بجمعھا بعد
سفره الى روسیا للدراسة. وكان جیلي یحفظ القرآن كلھ وعمره تسع سنوات. ونال جائزة
علیھا من الخاصة الملكیة ببلدة انشاص حیث كان والدنا یعمل ، ونسكن فیھا .وكان والدنا
یشجّعھ على الدراسة الدینیة ولكن بفكر متطور وافق واسع بل كان یقرأ اشعار جیلي و
لایضغط على حریتھ الشخصیة. خاصة ان جیلي كان متأثرا باشعار حافظ ابراھیم واحمد شوقي
وكذلك بالحیاة الریفیة بانشاص وكان دائما یتفقد احوال الفلاحین ویصور حیاتھم في ابیات
شعریة فیقول :
تلاشت في حضن الظلمة اكواخ واجمة جاھمة
ثم یقول
یا رب الناظر ھذا الفاجر ھل یأخذ مني البقرة
من اجل جنیھا بعشر وجنیھین ساسددھا بعد الاذرة
فقد كان یسخر من الاقطاعیین ، وقد مكث جیلي بانشاص حتى بلغ الرابعة عشر ، ثم احتضنھ
خالد باشا حسین رئیس انشطة الكشافة بمصر حینذاك والحقھ بالازھر. ثم انتقل للدراسة بدار
العلوم وزامل الشعراء ( تاج السر الحسن ، والفیتوري ، ومحي الدین فارس ) واتجھ للكتابة في
الصحف المصریة وھو طالب.
في عام 1953 نشرت لھ اول قصیدة بجریدة المصري .
جیلي والھجرة الى روسیا
اول دیوان صدر لجیلي كان في عام 1956 بالقاھرة بعنوان " قصائد من السودان ". وفي
1961 بدأت ھجرتھ الى روسیا لاستكمال دراستھ بمعھد جوركي للآداب. وفي عام 1967 صدر
لھ دیوانھ الثاني " الجواد والسیف المكسور ". ثم حصل على الدكتوراه حول تطور النثر الفني
في السودان، من بدایات القرن التاسع عشر حتى آخر الستینات . وقدم ایضا عام 1965 كتابا
سیاسیا بالتعاون مع صدیق عمره الشاعر تاج السر الحسن، بعنوان " المعونات الاجنبیة و
اثرھا على استقلال السودان ". واشترك مع نجیب سرور ومجاھد عبد المنعم وكمال عمار في
دیوان " اغاني الزاحفین ". وقد قام بترجمة العدید من الاعمال والمختارات الشعریة للشاعر
الروسي كونابیف ، وظل جیلي عبد الرحمن مھاجرا بین جامعات روسیا والجزائر والیمن
كأستاذ محاضر حتى نھایة حكم نمیري فعاد الى السودان لفترة قصیرة ثم جاء للعلاج بالقاھرة
وتوفي بھا .
بعد وفاتھ صدر لھ دیوان " بوابات المدن الصفراء " عن الھیئة المصریة العامة للكتاب